أولى خواطري التي قررت أن أحتفظ بها:
حبيبتي الوحدة
تأملت كثيراً ولكنني لم أجده فيئست لأنني اعتدت على رؤية أبواب الأمل تغلق في وجهي بعد أن كانت مفتوحة لكل راغب في دخول قصورها
..بحثت مرة ثانية ولكنني أحسست بنسمات باردة توقظني من شرود ذهني وتنسيني ما كنت أفكر فيه ودعتني للحديث معها
تجمدت في مكاني ولم أنطق بكلمة واحدة لأنني نسيت كل الكلمات، ألححت على ذاكرتي لتسعفني ببضع الكلمات علها تنقذني من ذلك الموقف ولكنها كانت مصدومة مثلي تماما
.أيعقل أن أتبادل الحديث اليوم مع الرياح الباردة التي لا تحمل في طياتها إلا الألم والحسرة والذكريات المريرة
…فكرت ملياً فوجدت نفسي أنتظر بلهفة من يدعوني لمشاطرة آلامي فلمَ أضيع هذه الفرصة ؟؟
..فربما هي أيضاً تريد أحداً يستمع إليها لتبوح بآلامها التي هي سبب في برودتها
.هبت نسمة أخرى وكأنها تلح عليّ للمجيء معها إلى عالمها ولكنني هذه المرة قبلت دونما تفكير
في غضون ثواني وفي لمحات البصر حملتني لأرى نفسي في غرفة متواضعة في وسطها منضدة خشبية صغيرة وضوء خافت لا يكاد يضيء شيئاً من ظلام الغرفة الدامس
نظرت حولي فامتلئت رعباً وشعرت بكلمات الندم تجول في رأسي وهي تلعن هذا القرار الذي اتخذته معترضة على خروجي من ظلام أفكاري إلى ظلام حقيقي لا مجال للهروب منه
……ولكن لم يعد هناك فائدة للندم فلم يكن بوسعي سوى الجلوس على تلك الطاولة والانتظار
وما كانت سوى لحظات معدودة حتى جاءت وجلست أمامي ولكنها لم تأتي كنسمات باردة وإنما جاءت كشبح أخرس، وكان كل ما حولي ينطق بدل عنه
!!شعرت حينها وكأنها حفلة للاعتراف مقامة على شرفي حيث لا يقدم فيها سوى الصراحة
….أنصت فسمعت همهمات الحيطان وهي تحكي قصصاً عن العذاب والأرض تتحدث عن الألم
فجأة ساد صمت رهيب، رهيب بكل ما تحمله هذه الكلمة من معاني الرعب وقد كان هذا الصمت كفيلاً لأن يجعلني أنطق كلماتي الأولى في هذه الحفلة
بدأت بكلمات قليلة لا تفهم معانيها وبعدها أصبحت أتكلم بطلاقة أكبر وكلمات ضعف حماسي وقلّت كلماتي كان الصمت المحيط بي يدفعني لقول المزيد
حتى شعرت برائحة الياسمين تتسلل إلى قلبي وتدغدغ ذكرياتي لتجعلني أفيض بمزيد من الكلمات
ومع كل كلمة أتفوه بها تزداد رائحة الياسمين انتشاراً حتى جعلتني كطفلة ضلت طريقها وأخذتني لحلم سعادتي وأذهلتني حين حدثتني عن أسرار قلبي فجعلتني أمامها كصحف جفت أوراق معانيها وأوصلتني بأحلامي إلى القمر
بعد ذلك اعترتني موجة من الصمت البليغ وقد كانت الغرفة مليئة بعبق الياسمين الذي رحل فتركني بنشوة الحلم ذاك الحلم التائه، شعرت هذه المرة بسعادة مختلفة تختلف تماماً عن سعادتي التي أستمدها من أحلامي السابقة مع القمر، ربما لأنني في هذه المرة قد ضممت إلي صديق جديد
صديق كنت أعرفه حق المعرفة لأنه كان موجوداً قي نهاية كل حلم من أحلامي، ولكنه لم يخطر ببالي مرة أن أجعله صديق بل كنت دائماً أعتبره سبباً في فشلي بالحياة الواقعية وعودتي إلى قوقعتي لأرجع إلى أحلامي الوردية
…في هذه المرة أحسست بمعناه في حياتي وأحسست بأنه فعلاً صديق لي فدائماً كنت أراه في أشد حالات بأسي وحزني حين لا أجد أحدا
…كنت أراه في معظم أوقاتي
…فكنت أرى الوحدة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق